يتألق مسجد القبيب في العاصمة القطرية الدوحة بتصميم فريد يعكس جمال العمارة الإسلامية ويستمد إلهامه من التخطيط المعماري للمسجد النبوي الشريف، مما يجعله رمزًا تراثيًا يقف شاهدًا على مرحلة تأسيس الدولة القطرية. يعود بناء المسجد إلى زمن مؤسس دولة قطر، الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، وتحكي قصته إحدى الحكايات التراثية البارزة في تاريخ قطر.
قصة تأسيس المسجد
تأسس مسجد القبيب خلال فترة النزاع بين الشيخ جاسم وأحد القبائل المحلية التي استولت على بضائع تعود لأتباعه. وبعد أن تمكن الشيخ جاسم من استعادة تلك الممتلكات من قلعة مرير في منطقة الزبارة، لفت انتباهه مسجد داخل القلعة، سقفه مُغطى بمجموعة من القباب الجميلة. عند عودته إلى الدوحة، طلب من المهندس الشعبي المعروف باسم “الهميلي” بناء مسجد مشابه لمسجد القلعة، لكن بحجم أكبر، وهو ما تم بالفعل، ليصبح مسجد القبيب ضعف حجم مسجد قلعة مرير.
شاهد أيضاً: تجديد رخصة الإقامة بسهولة عبر “مطراش2”
التصميم والعمارة
يعكس تصميم مسجد القبيب درجة عالية من الحرفية والإبداع المعماري، حيث تتكون القاعة الرئيسية من 4 أروقة عمودية باتجاه القبلة، بالإضافة إلى رواقين آخرين شمالي وجنوبي، مع وجود مئذنة شرقية وحجرة في منتصفها. المئذنة بدورها تُعتبر أقدم نموذج معروف للمآذن في قطر، وتتميز ببدنها الاسطواني الذي يتشابه مع مآذن تركيا والجزيرة العربية، مما يبرز التأثير المعماري المتبادل في المنطقة.
يمتد سقف المسجد ليغطيه 44 قبة، إلى جانب قبتين أصغر حجما فوق المحراب، وهو تصميم مذهل يبرز براعة المعماريين المحليين في استخدام الموارد المحدودة بكفاءة، لتكوين مبنى قادر على الصمود أمام العوامل الطبيعية القاسية لسنوات طويلة دون الحاجة إلى صيانة جذرية.
مكانة المسجد في قلوب القطريين
منذ تأسيسه في عام 1878، بات مسجد القبيب رمزًا تراثيًا له مكانة خاصة في قلوب القطريين، إذ صمد لأكثر من مئة عام، محتفظًا بهويته الأصيلة وشكله المعماري الفريد. وأعادت السلطات القطرية ترميم المسجد قبل 10 أعوام، مع المحافظة على طابعه القديم، مما جعله نموذجًا حيًا على عبقرية المعمار القطري التقليدي.
يروي المواطن حمد الكعبي، الذي تجاوز الستين من عمره، أن المسجد يجسد شعورًا بالسكينة والطمأنينة، ويرتبط بذكريات لا تُنسى من طفولته وشبابه، فهو يحرص منذ ما يقارب 30 عامًا على القدوم للصلاة فيه بانتظام. ويمتدح الكعبي هذا الصرح لقدرته على الجمع بين البساطة والجمال، مشيرًا إلى أنه لم يشهد مثيلًا له في البلدان العربية التي زارها.
دور المسجد في
لطالما شكل مسجد القبيب ملاذًا لأهالي الدوحة في أوقات الأزمات، خصوصًا خلال فصل الشتاء حينما كانت الأمطار الغزيرة تتسبب في انهيار المنازل الطينية، إلا أن المسجد ظل صامدًا بفضل تصميمه المتين الذي يعكس عبقرية العمارة الشعبية القطرية القديمة. هذا الإرث التاريخي والمعماري المميز، يجعل من المسجد شاهدًا على تطور المجتمع القطري وقدرته على الاستفادة من التقنيات المعمارية المحلية بكفاءة.
الحفاظ على التراث
بقيت مئذنة المسجد، ذات الطراز الأسطواني، شاهدة على أقدم الأنماط المعمارية للمآذن في قطر. وتستمر هذه التحفة المعمارية في لفت الأنظار بجمال تصميمها البسيط، الذي يعبر عن أصالة العمارة الإسلامية في الخليج. وبفضل جهود الترميم التي أشرفت عليها الهيئات المعنية في الديوان الأميري، حافظ مسجد القبيب على مكانته كرمز من رموز التراث القطري ومرجع في العمارة الإسلامية، يستحق الزيارة والتأمل.
شاهد أيضاً:
كيفية الاستعلام عن صلاحية الإقامة قطر
شروط الإقامة العائلية في قطر
قرار منح الإقامة بدون مستقدم لهذه الفئات في قطر
أفضل أماكن الإقامة في الدوحة للأزواج